صيف رقمي جدًا
على مدار سنوات طويلة، كنا ننظر للصيف على أنه «السفر والترفيه والتجول في بلاد الله الواسعة»، وكانت أغلب الأسر السعودية تبدأ في تجهيز حقائبها وأمتعتها مع نهاية الفصل الدراسي الثاني، وتتجه إلى شركات الطيران لتحديد واجهتها سواء كانت أوروبية أو عربية.. كل حسب جيبه!
التحولات الكبيرة التي شهدها الوطن من 25 أبريل 2016 مع إطلاق رؤية المملكة 2030، جعلت الصيف في السعودية أحلى، بعد إطلاق عشرات المشاريع السياحية والترفيهية في جميع المدن والمناطق، وجذب أمتع وأفضل الفعاليات والسباقات والحفلات عبر مواسم المملكة المتنوعة، وجاءت جائحة كورونا بكل ما حملته من تفاصيل لتؤكد أن السفر لم يعد خياراً مطروحاً لدى الجميع.
من هنا.. باتت المسؤولية أكبر على القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني وكذلك القطاعات الحكومية لوضع برامج صيفية تفاعلية تجذب شباب وفتيات هذا الوطن، وتستثمر طاقاتهم وحماستهم بصورة مثالية تعود عليهم بالنفع، وتوفر لهم فرصاً تدريبية ووظيفية وترفيهية أيضاً، وتعظم مصالح الوطن العليا وتحقق غاياته. لابد أن نفكر من خارج الصندوق، ونضع برامج وخطط غير تقليدية، بحيث تتكاتف الوزارات والهيئات والجهات ذات العلاقة لتحقيق السعادة للشباب والفتيات الذين يمثلون أكثر من 50 % من سكان وطننا الحبيب، فالغرف التجارية – على سبيل المثال – مطالبة بالإعلان عن عدد كبير من ورش العمل والفرص التدريبية لرواد ورائدات الأعمال، في المجالات المبتكرة مثل الرقمنة، الثورة الصناعية الرابعة، الذكاء الاصطناعي، وغيرها من المجالات المستقبلية. القطاع الخاص ممثل في الشركات الكبيرة، بات مطالباً أكثر من أي وقت مضى بالتفاعل مع شباب وشابات الوطن ببرامج تدريبية وتأهيلية تنتهي بالتوظيف، من خلال مسارات تلامس حاجة المجتمع، وتركز على وظائف المستقبل، وتعكس المسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتقه تجاه هذا الوطن الذي كان وراء نموه ومكاسبه.
الوزارات والجهات الحكومية والخاصة والهيئات العامة والجهات والأندية الرياضية ومؤسسات المجتمع المدني.. عليها جميعاً مسؤولية كبيرة تجاه شباب الوطن الذي يحتاج أن نأخذ بيده، من خلال الأفعال (البرامج والمبادرات والمشاريع) وليس عبر الخطب الرنانة والوعود الكلامية.
مع بداية السنة السادسة من «رؤية 2030» لم يعد مسموحاً لأحد التنصل من مسؤولياته، ولابد أن تكون هناك «تنافسية» بين مختلف الجهات في تقديم برامج صيفية رقمية مبتكرة ومشاريع إبداعية تجذب الشباب، وتصنع السعادة والبهجة لكل أفراد المجتمع، لابد أن نستمد حماستنا من عزيمة وإرادة القيادة الحكيمة التي تطلق المبادرة وراء الأخرى والمشروع تلو الآخر، وتخلق الفرص في جميع القطاعات.
حان وقت التحرك.. وأتوقع أن يكون الجميع على قدر المسؤولية.
بقلم / حامد عمر العطاس